لحظات الانتظار املأها بالاستغفار

قوائم الموقع

الزار

25 مايو، 2016 19197 عدد الزوار

الزار هو نوع من العلاج المحرّم للتسلط الشيطاني وأيضا يطلق على من به مس شيطاني بأن عنده زار وهو من الأمور الصعبة علاجها لأن الشياطين المتسلطة أقوى من غيرها غالباً وخاصة إذا كان المريض بالمس قد ذهب كثيراً إلى المعالجين بالزار وتعالج على طريقتهم التي فيها الذبح والتلطخ بالدماء وطلب الذهب والفضة ولبس الأحمر والخضوع لطلبات الشياطين والسجود لهم والتعظيم لهم وأحببت أن أورد ماقيل وكتب عن الزار لتتضح الصورة جلياً مع العلم أني احببت أن يتمعن القارئ في مايحدث في الزار وما يقال فيه من كلمات كفرية وفارغة ليس لها معنى وليحذر من يذهبون إلى الزار ويناقشهم بعلم شرعي وبعلم من واقع مايجري في دور وحلقات الزار


الزار هو الجني أو الجنية، فيقال لمن ركبته روح شريرة: (فيه زار).
قال الحنفي(زار لفظة من اللغات اللارية والكراشية والبستكية بمعنى حالة تظهر على العبيد فيرقصون ويتواجدون ويسمونها- زارك- )
ــــــــــــــ
معجم الألفاظ الكويتة.
وعند العوام في الامارات اعتقاد سائد كاعتقاد العوام في البلدان العربية الأخرى، وبعض الناس في البلدان الاجنبية، بأن معظم الامراض العضوية والنفسية تأتي من حلول روح شريرة في جسم المريض.فعندهم اعتقاد بان الجن يسكن أجسام البشر، وهذا الجن إما ان يكون جنيا ارضيا، وهذا يسهل إخراجه من الجسم، أو جنياً بحرياً، وهذا يصعب خروجه لحد ما. وهناك جن سماوي قادم من السماء، بأمر الله عز وجل، وبه يصبح المريض مصابا بمرض عضال لا يرجى منه شفاء.
وتختلف طريقة معالجة المصاب بالزار عند البدو عما هي عند الحضر، كما انها تختلف اختلافات طفيفة بين قبيلة وأخرى، وبلد وآخر.فعند البدو، اذا أصيب احد بهذه الروح جلب له (المسكن) (بضم الميم)، ويكون المسكن في الغالب مصابا سابقا بمثل هذا المرض وقد شفي منه، ليقوم بإخراج الجنية من جسم المريض، وذلك بان يوضع المريض وسط الدار، ويغطى وجه ورأسه بقطعة قماش، ويجتمع حوله الأهل والأقارب والأصدقاء، ويباشرون في إشعال البخور لطرد الأرواح الشريرة من المكان، وضرب الدفوف، وتلاوة الأدعية والتوسلات إلى الله ورسوله وصحبه المؤمنين. كقولهم: (ليلة الاثنين حادي تنزل السادات فيها)، فاذا باشر المريض (بالنعش) أي بتطويح رأسه يمينا شمالاً، كان ذلك علامة على ان الجني يوشك عن يخرج.وهنا يتصايح القوم: (مرحبا .. مرحبا) وهم يرحبون بالجني الذي سيغادر الجسم، أو سيتكلم بعد برهة على لسان المريض.
وهنا يباشر (المسكن) بالكلام مع المريض، فيسأله وهو يقصد ان يحادث ويسأل الجني بداخله: (من اين ان قادم) فيجيب المريض، وهو يتكلم على لسان الجني، أو ان الجني يتكلم من لسان المريض، كما يعتقدون، فيقول اما من البحر، أو يقول من البر، أو من بلاد مجاورة .. الخ.
ويعود المسكن، فيسأله: ماذا تريد حتى تخرج؟ فيجيب المريض متكلماً بلسان الجني ايضا: إنه يريد ذهبا أو فضة، أو انه اذا اعطوه (الراي والامان) أي الا يصيبه احد بأذى، وبعدها يخرج من جسم المريض، ويشفى بعدها المريض.
وقد يستمر العلاج عدة ايام على هذه الصورة إلى ان يخرج الجني، فان عصى عن الخروج عالجوه بالضرب بالعصا، وسموا الطريقة (الرعب) أي تخويف الجني وضربه ليغادر الجسم، وسموه (زار معصي) أي عاص عن الخروج.
ومن معتقداتهم في هذا الصدد ان الجن قد يصيب الفتاة ويسكن جسدها من يوم مولدها، ويكتشف امر هذا الجني اذا تزوجت الفتاة، فاذا انجبت مولوداً حياً ثم مولوداً ميتاً، وهكذا، فإنهم يقولون انها مصابة (بأم الصبيان) وهي جنية شريرة.
كما يعتقدون بان الفتاة التي تبقى عانسا لا تتزوج، تصاب ايضا بالزار، ويعالجونها بالايحاء لها بالكلام عن مشكلتها.
ومن الجدير بالذكر انني حضرت مجلساً للزار اقامه جماعة من قبيلة المناصير، ولا بد لي من القول بان طريقة المعالجة هذه ، فيها الكثير من العلمية والواقعية، وان مهمة (المسكن) كانت كمهمة الطبيب النفساني، الذي يعالج مرضاه بالايحاء لهم بالكلام عن مشاكلهم النفسية والعصبية، وهي طريقة عملية حديثة، يقوم بها علماء النفس في أوروبا وامريكا في يومنا هذا، علاوة على انها طريقة دينية يسودها الكثير من الوقار والاحترام والتشفع عند الشفيع الاعظم، لكي يبرئ المريض من علته.
أما في المدن فان بعض (البنابيس) وهم الافارقة العبيد الذي يسكنون المنطقة، لهم طريقة تكاد تشابه طريقة البدو في مظهرها العام، إلا انها تتم وسط جو صاخب من الرقص والغناء، فهم يباشرون بترديد تراتيل غريبة، كقولهم:( ودي وله دوي يا وار …يوم ماما ودوي يابرا ريبه با برار .. وردة مامه هوي يامو يا مرار).
وهذه لغة افريقية سواحلية ظاهرة، ثم يعقبها إيقاع راقص على الطبول والدفوف، مع تصفيق بالاكف وغناء سواحيلي على وزن (المامبو) المعروف. ويباشر الجمع بالرقص وهز الاكتاف، وهم جلوس حول المريض، ينفخون في وجهه دخان لفائفهم ونرجيلاتهم، التي من المحتمل ان يكون فيها بعض الدخون المخدرة كالحشيش وما إليه. وقد يبلغ (هوس) الرقص عند بعضهم، بان يلقي براسه بين ركبتيه وهو جاثم على ركبتيه على الأرض. فيغطي راسه بملفعة، ويبدأ بالاهتزاز والتمايل. فيتركه المجتمعون برهة، وهو يؤدي رقصته المجنونة، ثم لا يلبث ان يتقدم اليه واحد أو اثنان منهم، ويحوطانه بأذرعهم، ليهدئوا من حدة انفعالاته ورعشة بدنه، إلى ان يهدأ أو يسكن. فاذا اصابت هذه الحالة المريض نفسه استبشروا بذلك، وأوقفوا العزف والرقص والضجيج، وكلموا الجني الذي يسكن جوف المريض، وإلا فانهم يعالجونهم بالضرب بالعصا.والرجل المصاب بالزار له عدة اسماء حسب شدة مرضه، فهو (فاسل) أو (سيف) أو (شنكر) أو (ودل) أو (شيطان).
اما المرأة المصابة بالزار، فهي مصابة بجنية قد يكون اسمها: (كوكابيه) أو (يوسفيه) أو (وركه) … الخ.
ومن المفيد ان نذكر ان هذه الطريقة في العلاج اصبحت من الاشياء والعادات التي لا يهتم بها الجيل الجديد في الامارات، ويعتبرونها سفسطة، ويضحكون عليها عندما يمارسها بعضهم.


الزار – طقوس وثنية افريقية
اسياد لجميع المناسبات والأقاليم والمهن
اعداد: نورة الشيخ حامد عطي
من العادات الغرائبية والتي دخلت الى الثقافة العربية طقوس الزار والذي عرفه العالم الغربي في فتراته المتأخرة حيث عرف كما قيل في القرن التاسع عشر حيث لم يعرف قبل هذا القرن ولم ترد اشارات عنه او وصف مقارب له ونحن هنا نعرض لهذه الشعوذة للتعريف بغرائبية وعجائبية هذا الطقس فما هو الزار..
حفل نسائي لطرد الاسياد التي تتقمص الاشخاص, او استرضائها بتقديم أضاحي وقرابين واداء رقصات ايقاعها سريع على دقات دفوف صاخبة على اعتقاد بان استحضار هذه الاسياد وبافصاحها عن اسمها تفقد قوتها.
والزار في اصله طقس وثني للقبائل الافريقية البدائية, انتقل من الحبشة الى السودان ثم الى مصر (ح ـ 1870&#1605 فباقي البلاد العربية ولفظ زار محرف من جار ـ إله وثني عند الكوشيين ـ ثم غدا في الحبشة بعد دخول النصرانية عفريتا حقودا (اسياد شرير&#1577.
وبعد دخول الزار الى النسق الثقافي العربي عن طريق العبيد الأحباش طرأ عليه تغير في سماته فهو في المعتقد الشعبي وسيلة للشفاء من امراض نفسية وجسمية على حد سواء (الاكتئاب, الصداع, ولادة اطفال مشوهين او ميتي&#1606. وهو بذلك يختلف عن اصله بكونه لا يستنطق الاسياد عن امور الغيب.
ترث دور الوسيط بين الملبوسين والأسياد من أمها, فان لم يكن لها بنت تورثه لإحدى العرائس (المساعدا&#1578 وتتعامل الكودية مع كافة الأسياد وهذا ما يجعلها تحمل أعدادا كبيرة من التمائم بعدد الأسياد. بينما العروس تحمل قيمة السيد الذي يتلبسها فقط.. تقيم الكودية ثلاثة انواع من حفلات الزار ..حفل زار كبير, وآخر اسبوعي, وحفل زار حولي.
فالزار الاسبوعي يقتصر الاحتفال فيه على إظهار الاحترام للسيد واسترضائه وحاضرات هذا الحفل يسميهن (كري&#1587 مدمنات زار كون حضورهن الزار يمنحهن الشعور بالراحة واعتقادهن بعدم قدرتهن على الحياة بدون المشاركة في حفل الزار.
اما الحفل الكبير فهو الذي تمارس فيه طقوس كل عناصر الزار (موسيقى, رقص, ملابس, تمائم, بخور, أغان&#1610 ويستهدف منه شفاء المريض بمعرفة الأسياد ومحاولة إرضائها وتقديم القرابين لها.
والحفل الحولي يقام كل عام في شهر رجب تخصصه الكودية لكافة الأسياد المعروفة لها وتتوقف حفلات الزار بكل أنواعها طوال شهر رمضان, بلا استثناء لأي نوع منها.
تستعين الكودية بفرق تدق على انواع من الدفوف والطبول وارتباط كل سيد من الاسياد بإيقاع خاص ونوع الفرقة, فأبسط الفرق “الفرقة البلدي” مكونة من خمس نساء ثلاث منهن على المزاهر, واحدة على الطلبة النص والأخرى على مرجص.
والنوع الثاني فرقة الطنبورة او الفرقة السوداني, ويضرب علي الطنبورة بعض افراد من اصل زنجي, وعازف منجور واثنتان من عازفات الطبلة.
النوع الثالث: فرقة ابوالغيط, تتكون من راقص يقوم بنفس دور المنجور, واثنين من عازفي الصفارة وتقوم زوجة الراقص بالضرب على الرق.
والعنصر الأهم في حفل الزار هو القرابين, والأضاحي. فلكل سيد مطلب يطلبه من المرضى محددة أدق تحديد منها أنواع من التمائم, والملابس, والرقصات, فالتمائم فهي متنوعة في شكلها ومضمونها وحجمها لا يقتصر استخدامها في الزار فقط ومن ابرز هذه التمائم الخلخال,وله صفاته الخاصة فهو رفيع ينتهي برأس كروي, وله شروط في المعقتد الشعبي يجب أن تتوافر ليكون له فاعلية, ان يكون مصنوعا من الحديد, ان يشترى بمال شحذه أصحابه من الناس, ان يكون الحداد (صانع&#1607 قد ورث مهنة الحدادة عن آبائه وأجداده الى سابع جد, وتلبس الكودية مجموعة كبيرة من التمائم المصنوعة من القطع المعدنية التي تعلقها حول رأسها فوق منديل الرأس, وهناك عدا هذا مجموعة من التمائم والمعلقات المصنوعة من معادن اخرى او من صدف, او من البلاستيك وهي ذات اشكال وتنويعات وكتابات متباينة..
أما الملابس التي يطلبها الأسياد فتكون عند البعض دقيقة ومعقدة فالست السودانية مثلا تتطلب زيا كاملا متعدد العناصر, فتطلب من عروستها ان ترتدي “ملاءة سودانية” كبيرة مزينة مربعات سوداء وبيضاء وبكنار احمر اللون عرضه حوالي 8سم, وتطلب طاقية مشغولة ومزركشة بالخرز والاصداف الدقيقة ذات الألوان المتعددة. وعقدا من الاصداف المثبتة في نسيج مشغول, وحزاما يبلغ عرضه نحو 12سم, وعقدا مشغولا بالخرز والصدف, وخلخالا وأساور, ويزيد على العقد سلاسل حول الرقبة تتعدد من حالة لأخرى, وتكون في العادة مثبتا فيها تميمة أو أكثر على هيئة كيس داخل في تكوين العقد وتحمل العروس علاوة على ذلك خنجرا ذا مقبض مصنوع من الخشب او العظم والحراب الموضوع فيه مزين بالحرز الملون كذلك وتحمل ايضا عصا يبلغ طولها نحو 60 سنتميترا محاطة من جميع جوانبها بالخرز, واحيانا ترتدي طربوشا مزينا بالقصب.
اما السلطان ذو الاصل البدوي فيطلب عباءة بيضاء محلاة برسوم ومنقوش على ظهرها جمل وراع وراء هذا الجمل وعلى الجانبين اهداب زرقاء اللون ذات نقوش دائرية الشكل وترتدي عروس هذا السلطان العربي ايضا كوفية حريرية بيضاء, مزركشة بزهور ذهبية اللون, ويرتدي فوقها عقالا عربيا, اما اخته الست العربية فتطلب “ملس” حريريا ابيض بأكمام طويلة منقوش على حوافه وعليه برقع تتدلى منه بعض العملات المعدنية المذهبة اللون بصورتها التقليدية المعروفة كما تتدلى فوق الملبس بعض قطع الخرز والصدف الزرقاء والبيضاء والحمراء علاوة على الحزام البدوي التقليدي.
اما “الست السفينة” فتبدو في مظهرها امرأة في نصفها الاعلى وسمكة في الاسفل من جسدها, ولا تطلب لنفسها ملابس خاصة, ولكن حين الغناء لها لابد ان يكون هناك اناء كبير من النحاس, مملوء الى نصفه بالماء, وتعوم فيه بعض الاسماك الحية لكي تلعب بها المريضة, وتغمس رأسها ايضا وتلعب بالاسماك اثناء الغناء”.
ولا يمكننا هنا ان نعرض طلبات كل الأسياد في الملابس, الذين بدورهم لا يمكن احصاؤهم ولكن يمكن القول ان هناك مجموعات داخل كل مجموعة يوجد سلطان او سيد أكثر أهمية من غيره. ولا يمكن أن تصنف هذه الاسياد فهي لا تستند على أساس موحد, والمعتقد الشعبي لم يضمها في أشكال ثابتة متسقة مع بعضها ولا يمكن لأي كودية ان تتصور وجود علاقة بين الأسياد ثابتة من الأسياد كما أشار كريس.
وقد قسم دارسو علم الانتربولوجيا الاسياد الى الفئات التالية:
أ ـ ارواح اقليمية.
ب ـ ارواح طبيعية.
جـ ـ أرواح قبطية واسلامية.
د ـ ارواح تدل على اصحاب مهن.
هـ اضاف ليتمان فئة خامسة وهي الأرواح التي تسمى بأسماء الاشخاص.
تضم المجموعة الاقليمية عددا من المجموعات الفرعية :
[ المجموعة السودانية: وفيها الطنبورة السودانية.
[ المجموعة الحبشية : وعلى رأسها سلطان الحبش واخوانه وهوانم الحبشة والست الكبيرة او حبوبة الحبوبات, وتعتبر جدة للأرواح الحبشية.
[ المجموعة الصعيدية: على رأسها الصعيدي ابودنفا ويعتقد انه يظهر على ثلاث مراحل كما اشار كريس وله اخت تعرف باسم الست الصعيدية.
[ المجموعة العربية: على رأسها العربي ورفيقته العربية “عرب العربان”.
[ المجموعة المغربية: على رأسها السلطان المغربي ويطابق المعتقد الشعبي بين السلطان المغربي وعبدالقادر الجيلاني.
ب ـ الأرواح الطبيعية:
وينتمي اليها مجموعة النار وعلى رأسها “سلطان الجن الاحمر واخواته.. واسياد الماء او اسياد البحر وعلى رأسها السطان البحري واخواته, وكذلك الاسياد المؤنثة التي تعرف باسم “الست سفينة” والمجموعة الجبليةوعلى رأسها السلطان الجبلاوي واخته جندر ويعتقد كريس ان هذا الاسم مشتق من اسم جندر مدنية في الحبشة.
ج ـ المجموعة القبطية والاسلامية:
وعلى رأس هذه المجموعة السلطان النصراني او سلطان الدير والسلطانة ماري والمجموعة الإسلامية فيبرز فيها اسم الدرويش وأسماء عدد من الأولياء المسلمين.. وأصحاب الطرق: اما عن الشخصيات النسائية الإسلامية فتذكر “ام الغلام” وقد دار جدل طويل حول تحديد السيدة المقصودة بهذا الاسم فطرح احتمال أن يكون المقصود بهذا الاسم القرينة او أم الصبيان.
د ـ المجموعة المهنية: وعلى رأسها الأرواح ذات الأسماء العسكرية او الحربية وينتمي إليها “الياوري بك” واخته الست ركاش هانم وفي صورته الرفيعة باسم “سلطان اللواء” وفي صورته الوضيعة باسم العسكري والحكيم باشا.
هـ ـ مجموعات اخري.. ومنها السلطان رينا والسلطان روم النجدي..
المراجع
[دائرة المعارف الاسلامية ج 0110[علم الفلولكور/ ج2
2[الموسوعة العربية الميسرة
[المعتقدات الشعبية في العالم الاسلامي/كريس


وفي السودان – الزار
عبدالله الشقليني
ضمن أسبوع ( الطب النفسي ) في جامعة الخرطوم في السبعينات ،شهدت ضمن كثيرين نماذج من الطب النفسي الشعبي ، ورائده كان
( ليلة الظار ) . حضرت ضمن كثير من الأصدقاء لمُشاهدة :
الشيخ المُحَــزَمْ ، وهو من مشاهير شيوخ الظار :أُقيمت الأستار من القماش الأبيض من حول الشيخ وجَوقـته .تُصاحبه مجموعة من النِسوة من كبار السن ، مع الطبول الأفريقية الإيقاع بأصواتها الفخيمة :
الله ليل سيدي ..الله ليل سيدي .
الشيخ المُحَــزَمْ يرتدي جُلبابه وعمامته، وفي وسطه عُمامة يتحَـزمُ بها،من الكتِف ومن الوسط.يبدأ الإيقاع بخُطى مُتسارعة إلى أن يبلغ الذروة.والشيخ المُحَــزَمْ قائد الجوقة الموسيقية.
أشعار لا يمكِنك تبين أحرفها أو أشعارها.تنغمس النسوة من كورال الشيخ تدرُجاً ضمن إيحاء إيقاعي،بطبول مُترعــة ، ونحن نشهد كيف للذهن البشري وهو يستدرج العقل الباطن ، لينفُث آلامــه .وتنفلت النسوة من قيود العادات وتنطلق الأجساد بلا وعي ،تتخطى كل المُمكن الاجتماعي . صرنا أمام ظاهرة نفسية تتجلى . يُسيطر العقل الباطن على حركات الأجساد ،ثم ينطِق بأفواه النسوة غريب الحديث مما تقشعِر له الأبدان !
إنه العلاج النفسي الشعبي الذي يُمارس في بعض بقاع السودان وإثيوبيا ومصر وغيرها من بلدان العالم .
أها أول حاجة شيخ الظهر أو شيخة الظهر … أذكر من الشيوخ عبد القادر (دقَّاق الميدان) من الزومة المحروسة… ونعمة (دقَّاقة الميدان) من القرير الخضراء… وقبل ما أمشي لا قِدام.. آخُد لي وقفة شوية مع أنواع الزار ذاااااااااااااتة… وبعدييييييييييييين
بجيكم لي أسبابو زي ما ذكروها بعض المشايخ والأطباء النفسانيين…
أها الزار دا يبقى لي كدي نوعين على ما إعتقد… المسبَّع… ودا للواحد لمن يادوووووووووووب
يمشي لي شيخ الهادي في القرير ولة ود العليقي في مورا ولة ود المبارك في البرصة ولة ود الباشا في الزومة..(لووووووووووووول)… ويقوم يقوم ليهو/ا (سبعة يوم زار)… يعني تدق الميدان لمدة سبعة يوم… أو الرجبية ودي كانت مشهورة بيها حاجّة البقيع … ودي يوم أو يومين من كل شهر رجب في كل سنة… وفي بعض الحالات… الواحدة تدق ليها يومين ثلاثة ..أها النجي لي حلقة الزار… أول حاجة زي ما قلت ليكم تبدأ قريب المغرب… أها… البداية طبعاً أُغنية الزار بيسموها (الخِيت)…
بالصلاة علي النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام)…
أول ما بدينا …. علي الحبيب صلينا…
من زار رسولي الغالي … النور شلع طوالي…
(والكشاكيش.. ودق الطَست.. ودا كان مشهور بيهو سُراج ود عَشَّة!!! والنقارة والدلوكة وبخور
العودة يعجعج والزغاريد وووووووووووووووووووب من أيام زمان!!!)
وبعدها على طول زار الروحانيات.يقولوا فيه..
خَضرة شريفة ماشاء الله… بت عبد القادر أي ولَّة…
وبعدها العرب.يقولوا فيه..
العريبي الفوق يا الهدندوي… يا شرَّاب الرُّوب يا الهدندوي…
وبعدها الحبش..يقولوا فيه.
لولية جات من الحَبشة … لولية تشرب الأنشة…
والخواجات.يقولوا فيه..
سبعة مراكِب كلَّهِن نصارى … شرابُم البيرة والسجارة…
والعسكر.يقولوا فيه..
بابور مسافر … ملان عساكر… يا باشا بيه… (وفي الخِيت دا في قصة بعدين بذكرها ليكم)!!!!
و ساعة يحبو يجيبو الجَبنة (القهوة) داخل الحضرة…و الأغنية بتاعت الجبنة
كانت…دُوية دُوية جبَنَّة دُويا… الحبشي طالِب الجبنة…
ودي طبعاً نماذج… ومن كل نموذج هناك كثير كثير من الخِيوت (الأُغنيات)… وكل واحدة من
الحريم فوقها جماعة من الجماعات ديل… يعني نورا فوقها النصارى… ونورا التاني فوقها العرب…
وست نور فوقها الحبش… والتومي فوقها العساكر… وهكذا… يعني الفوقها الحبش ماب ترقص
في العساكر لكن ممكن تربَّها مع النصارى…!!!


الظار .
اذكر قديما في امدرمان عندما يظهر شخص جديد كنا نقول الزول ده خيته شنو؟ و بالخيت نقصد ما يحركه او يفرحه او يحفذه . و عندما تمر المرأه او حتي الرجال بازمه نفسيه خاصه الاحباط او الاكتئاب يفكر الناس في الظار . و لكن قبل الشروع في ذلك يجب ان يعرف الخيت .
هذه مهمه شيخه الظار و مساعداتها . و الموضوع اقرب الي الطبيب النفسي . و حفل الظار يكلف كثيرا . و اذا لم تكن دراسة الجدوي متكامله فقد لا ينجع الدواء و يضطر صاحب الظار ان يعيد الكره . و هنا المحك و اثبات خبرة و دراية شيخة الظار .
من الخيوت المشهوره الخواجه و تلبس ست الظار البدله و البرنيطه و تشيل العصايه و تدخن السجاير و تشرب الويسكي و ترطن متبشهه بالخواجه مع رائحة البخور و دقات الظار .
السحار: و فيه تمشي المرأه علي يديها و ركبيها و تلتهم اللحم النئ او تشرب دم الخروف المذبوح . و خروف الظار قد يكون مزين بودع و سوميته و محنن .
التربي: و فيه ترقد المرأه كانها ميته ومكفنه و عليها غطاء و لا ادري كيف تنتفخ و يبدو الغطاء عاليا و لا بد انها احدي حيل شيخة الظار .
و هنالك لوليه الحبشيه و الايقاع لها سريع و اظنها تبدأ ب(اللول اللول يا لوليه ، بسحروك يا السمحه الحبشيه ) .
الهدندوي و الايقاع رتيب و بطئ و تلبس المراه العراقي و السديري و السروال و تشيل سوط و الاغنيه تبدأ ب( احمد البشير الهدندوي ، اللباس طويل يا الهدندوي ، راكب الهجين يا الهدندوي ، سوطك الوروير يا الهدندوي ) .
و من الخيوت المعروفه الفلاتيه و البرناوي و نمر الكندو ، ازرق بنده( البنداوي ) ، النمناوي، شلبي و جوراباشا .
حضرت حفل ظار استمر ايام طويله و شارك فيه نساء و رجال . و شاهدت مراه تسمرت و لم ترقص و مساعدات الشيخه كن يقلن ( ليه ما نزلت ، غيروا الدقه ، كبوا بخور ، خلوها حسه نزلوا زول تاني يمكن تنزل بعدين. ) .
و شاهدت رجلا يرتدي ملابس نسائيه و هو يقف علي ركبيه و يديه و يبدا في الحركه ببطء و ينتهي باهتزاز شديد و يقفز كالضفدعه و كانه قد فقد السيطره علي جسمه و الشيخه تصرخ ( دستور يا اسيادي ) . و كان هذا في منزل الشيخ حسن الحوري في الهجره امدرمان و هو شيخ خلوة ابروف .
كما كتبت و قلت قديما ان الديسكوتيهات في اوربا و امريكا نوع من الظار ، الموضوع تنفيث . و السويديون المتزمتون الملتزمون و الذين يتحدثون همسا و بادب و تتدلي ربطات عنقهم و كانها مرسومه ، يتحولون الي شئ مختلف تماما بعد عدة كاسات خمر و موسيقي . و في الصباح يرجعون كمديرين و مدرسين و بروفيسرات و مهندسين محترمين، ديل برضو بلقوا خيتهم في الليل .


الزار مفهوماً أنيمياً وسحرياً ومرتبط بالفكر الخرافي
د. آمال النور حامد
umtaharka@yahoo.com
الزار وطبيعته
يقدم الجوهري تعريفاً للزار بوصفه نوعاً من الاحتفال الذى يستهدف طرد الأرواح أو استرضائها عن طريق اجراءات طقوسية خاصة تشتمل على تقديم الأضاحي والقرابين وأداء بعض الرقصات سريعة الايقاع (الجوهري، 1980: 594)
يعرف المعتقد الشعبي السوداني ظاهرة الزار التى شهدت انتشاراً لافتاً للإنتباه في الآونة الأخيرة لأسباب سنأتي على تفصيلها. ويعد الزار وفق المعتقد الشعبي طقسا علاجياً لكثير من الحالات غير الطبيعية التى يعاني منها الفرد، ويقوم بممارسة هذا الطقس العلاجي الأفراد الذين تتملكهم قناعة كاملة بجدواه لايمانهم بالمفهوم البنيوي للزار القائم على أساس الاعتقاد في الأرواح والأولياء الصالحين وفي الأساطير والخرافات.
من حيث دلالة اللفظ وتطوره فإن مصطلح الزار قد اشتق حسب اعتقاد المستشرق زويمر من الكلمة العربية “زيارة”. ويفسر زويمر نشوء المصطلح انطلاقاً من الاعتقاد السائد عند البعض بأن الجن يقوم في بعض الحالات بزيارة الآدميين. وفي فترة لاحقة أصبح مصطلح الزار يطلق على حالات غير طبيعية تعتري الفرد ولا يُعرف لها سبباً بعينه بحيث تم تفسيرها من منطلق الاعتقاد بكونها ناجمة عن اتصال بعض الأرواح بالفرد. وبما أن هذه الحالات غير الطبيعية التى تعتري الفرد لا يدوم تجليها سوى لفترات قصيرة وفي أوقات متباعدة فقد تم تشبيهها بـ “الزيارة” Zewmer 1920: 22. اللافت للانتباه أن هذا التفسير لدلالة اللفظ كما يقدمه زويمر لم يجد شيوعاً في أوساط الباحثين العرب. ويرجع معظم الباحثين الآن أصله الى اللغة الإثيوبية. فعلى سبيل المثال يكتب سيريلي في شرحه لمادة “زار” في الموسوعة الإسلامية بأن الزار في العربية مستعارة عن الأمهرية، ذلك أن المعتقدات الشائعة في جن الزار قد انتقلت من إثيوبيا الى العالم الإسلامي (دائرة المعارف الإسلامية، مجلد 10: 329). ويتابع سيريلي حديثه عن الزار مشيراً الى أن مثل هذه الأقوال في الجن الذين يتجسدون الى حين في بعض الكائنات البشرية نجدها في مختلف البلاد الإسلامية في كل من آسيا وأفريقيا حيث تطلق عليهم أسماء خاصة مثل “بوري” (في نيجيريا وطرابلس)، وأموك (في الملايو). ومهما يكن من أمر فإن هذه “المادة زار إنما تتناول فحسب عادات الزار المعروف بذلك الاسم في كل من مصر والحجاز وعمان علاوة على وإثيوبيا” (المرجع السابق نفسه: 329). ويرى سيريلي بأن الاسم زار في إثيوبيا نفسها يرجع الى أصل سامي، إذ يعتقد بأن ظهوره يرجع في إثيوبيا الى بداية العصر المسيحي هناك حيث تمت استعارته عن بعض القبائل الوثنية الكوشية الذين كان معبودهم الأعظم إله السماء يعرف باسم “جار Djar”. ويبدو أن عالم الأنثروبولوجيا البريطاني سليجمان لم يظهر اختلافاً في وجهة النظر تلك مع سيريلي حيث نجده يؤكد على الأصول غير السامية لمصطلح زار عاداص إياه دخيلاً على اللغة الإثيوبية الأمهرية وافداً من لغة شعب الجالا .. “لكن بعد أن تم إنزاله عن علياء الألوهية الى أسفل درك الكائنات فوق الطبيعة، مرتبة الأرواح الشريرة أو المغضوب عليها” (عبدالمجيد عابدين). هكذا غدا الإله المعبود الوثني القديم في إثيوبيا بعد اعتناقها المسيحية عفريتاً حقوداً. وانتقلت على هذا النحو الشعائر الخاصة بالأرواح الى المسيحية عند الإثيوبيين ثم منها الى الإسلام مقترنة باسم إله السماء جار. ويعتقد المسلمون والنصارى في إثيوبيا أن الزار، ذلك العفريت الذى يعيش بصفة خاصة في الأنهار والجداول أو غيرها من المياه الجارية، من الممكن طرده من الجسم الملبوس باستخدام التمائم أو الشعائر الشائعة عند أتباع كل من هاتين الديانتين السماويتين – المسيحية والإسلام – وذلك عن طريق استحضاره للافصاح عن اسمه. ويجري المعتقد بأنه ولمجرد الافصاح عن اسمه يفقد الزار قوته ومفعوله. أما أهالي إثيوبيا الجنوبية (الجالا والسدامو) فلا يقتصرون الشعائر على طرد الأرواح الشريرة واستحضارها وإنما يقيمون طقوساً أخرى بهدف ارغام تلك الأرواح على التلبس في أجسام الأتباع الجدد الذين ينضمون الى زمرة المؤمنين بهذه الطقوس. وفي معتقدهم أنه بمجرد أن تتلبس الأرواح الشريرة بدن الفرد يمكنه أن يصبح قادراً على التنبوء بالغيب إذ يظن الناس أن كل كلمة تصدر منه أو إشارة تبدر عنه إنما تكون بمثابة وحي صادر عن تلك الأرواح التى تلبسته (انظر دائرة المعارف الإسلامية، مجلد 10: 329).
وكما سبقت الاشارة إليه فإن سليجمان يرى أن الزار ظاهرة ممارسة انتقل الى الإثيوبيين الأمهرة من شعب الجالا المعروف باسم الأرومو والذى يرجع تاريخ ظهوره على أرض إثيوبيا الى القرن الخامس عشر الميلادي. ومن شعائر الجالا الدينية صلاة “واداجا” التى تستخدم فيها الموسيقى والغناء ويمارس الرقص وتقديم القرابين الى الإله “واكا” ويتم إلتهام القرابين جميعها. عند ذلك يعتقدون أن مثل هذا الحفل كفيل بشفاء مرضاهم وتحقيق رغباتهم Seligman 1939: 120. وفي الصومال توجد عادة وثنية قد تكون ذات صلة بالزار يطلق عليها مصطلح “السار” وترتبط طقوس السار بنوع قديم من الرقص المقدس الذى يتجمع فيه المشاركون في حلقة دائرية يتوسطهم المنشدون الذين يأخذون في الغناء على نغمة خاصة وفجأة يسقط أحد المشاركين على الأرض كما لو أنه مغشياً عليه، ويستمر الغناء والتصفيق وضرب الأرجل على الأرض ودق الطبول، ومع تزايد سرعة الايقاع وتصاعد عنف الرقصات ينهض المغشي عليه من على الأرض متثاقلاً، ثم يتناول خنجراً بيده بمجرد وقوفه على قدميه ويعاود الرقص من جديد في وسط الحلقة مشهراً خنجره ثم يكرر السقوط على الأرض مجدداً، ولكنه سرعان ما ينهض هذه المرة بطريقة أكثر حيوية ونشاطاً ويجري مباشرة خارج حلبة الرقص ليختفي في مكان قريب لفترة وجيزة. بعدها يظهر في الحلبة والدم يقطر من خنجره. عندها يسود المشاركين اعتقاد بأن الدم السائل من خنجره هو دم الجن الذى نجح في قتله.
ويبدو أنه ونتيجة للعلاقات التى تضرب بجذورها الى أزمان سحيقة وتربط إثيوبيا بشبه الجزيرة العربية فقد تكوّن مركب للأفكار مشترك شمل مفهوم الجن وأشكال الرقص والتطير. ويبدو أن العرب أخذوا فكرة الزار عن الإثيوبيين إذ تشير دراسات سنوك عن المجتمع في مكة في الثلاثينات من القرن المنصرم الى أن نساء مكة كن يقمن حفلات الزار. ويشير سنوك الى أن حفلات الزار في مكة كانت تجمع أفراداً ينتمون الى طبقات اجتماعية مختلفة كما كانت الحفلات تظهر اختلافات من حفل لآخر Snouck 1921: 124.
تتمحور الفكرة القابعة في جوهر العلاج بالزار حول الاعتقاد بأن الفضاء الكونى ملئ بالأرواح، وتكمن النقطة المركزية في مفهوم الأرواح، وفق طقوس الزار؛ فتعد تلك الأرواح بمثابة قوة خفية، يتوجب على البشر مهابتها واحترامها وتبجيلها، ولايجوز بحال من الأحوال الربط بين أرواح الزار والشياطين. وتنتج إصابة الفرد بحالة غير طبيعية بفعل حلول (1) روح من تلك الأرواح في بدنه، بحيث يصبح الفرد غير مسئول عن كل ما يصدر عنه من أفعال وحركات. وبما أن الأرواح تمثل قوة خارقة غير طبيعية فإنه لا بدَّ من التعامل معها برهبة واحترام وتقديس، ومن ثم يهدف العلاج بالزار إلى استرضاء الروح التى حلت في بدن الفرد، بحيث تهدأ بفعل الاستجابة إلى مطالبها مما يجعل الملبوس، طبقاً لمفاهيم الزار، يعود إلى حالته الطبيعية.
يسود لدى البعض في السودان اعتقاد بإمكانية تلبس الجن والشياطين المذكورين في القرآن الكريم جسم الإنسان، لكنهم يعتقدون في الآن نفسه بإمكانية تلبس الإنسان بأرواح أخرى مثل روح القرينة أو روح القرين وهى أرواح تتلبس، وفق الاعتقاد السائد، غير المتزوجين، وتمنعهم من الزواج، ويمكن أن تسبب لهم الأذى في حالة إذا ما تزوجوا. كذلك هناك اعتقاد في روح أم الصبيان التى تمثل روح امرأة تكره الأطفال وتؤذيهم، كما تتسبب في حالات اجهاض للجنين وأمراض أخرى. أيضاً هناك اعتقاد في أرواح أخرى هى “أرواح الزار” (الدستور أو الريح الأحمر). هذا وكان عباس أحمد قد قسم الأرواح الى قسمين: ريح أحمر وريح أسود، وهو ما يمثل في اعتقاده تقسيماً رئيساً لعالم الأرواح الأرضية. ويقصد “بالريح الأسود” مجموعة أرواح الجن والشياطين التى يعتقد (في المعتقد الشعبى) بأنها إذا مست شخصاً أصابته بحالة من الجنون لايعالج منها إلا بالنجاح في اخراج تلك الأرواح من جسد المريض. أما “الريح الأحمر” فيقصد به مجموعة الأرواح الأخرى خلافاً للجن والشياطين، التى حين تمس إنساناً ما تسبب له الاختلال أو القلق النفسي الذى لا يرقى الى درجة فقدان العقل (عباس أحمد، 1969: 114).
وتطلق تسمية زار أو دستور أو الريح الأحمر في المعتقد الشعبي السوداني على نوع المرض الذى يستوجب المعالجة عبر طقوس الزار. ويتمركز الاعتقاد في الزار في وجود قوة خفية (أرواح) قادرة على أن تمارس الحلول في الفرد رجلاً كان أم امرأة مطالبة إياه بالاستجابة الى مطالب محددة ارضاءً لها، وبمجرد اكتمال عملية الحلول تلك تتغير الحالة الطبيعية للفرد وتتبدل طريقة حديثه وتنحرف تصرفاته. وهكذا يعتقد بأن الفرد أصبح مسلوب الارادة، وأن شخصية الروح تلبسته بحيث يصبح المصاب متصفاً بالقلق والاضطراب والخوف والتردد. ولدى ظهور أعراض مثل هذه الحالة غير الطبيعية فإنه لا مناص، وفق المعتقد الشعبي، من معالجة الفرد من خلال اقامة حفل للزار.
يتجلى في السودان وجود شكلين مختلفين لطقوس التلبس بالأرواح، يتم التعبير عنهما من خلال مصطلحي “زار بوريا” و “زار طمبورة”. والممارسون لزار بوريا من النساء، وهو الشكل الأكثر شيوعاً في العاصمة القومية. أما زار طمبورة فإنه خاص بطبقات خاصة من الرقيق المعتوق وأحفادهم، ويتميز بكثافة عدد الرجال بين الممارسين. ويمكن إبراز الاختلافات بين الشكلين في النقاط الآتية:
1- اختلاف الأدوات الموسيقية الرئيسة المستخدمة في الطقوس، الربابة بالنسبة لزار طمبورة، والدلوكة بالنسبة لزار بوريا؛
2- يكون الممارسون الأساسيون في زار طمبورة من الرجال، وذلك لصعوبة ممارسة طقوسه بالنسبة للنساء؛
3- على الشخص المتلبّس زار طمبورة أن يمارس الرقص وهو يرتدي حزاماً من عظام الأغنام والودع والخرز، وعليه أن يهزه ويخشخشه أثناء الرقص؛
4- لغة زار بوريا هى العربية، في حين تكون لغة زار طمبورة غير عربية؛
5- زار طمبورة أكثر سخونة في ايقاعاته، والمرض الذى يجلبه أكثر قساوة من زار بوريا.
الزار مفهوماً أنيمياً
تنطلق دراستي للزار من مفهوم له بوصفه تجلياً لحالات غير طبيعية مختلفة تعتري الفرد من بني الإنسان يستوجب علاجها اجراءات تتخذ من الاعتقاد في وجود قوى خفية يمكنها أن تلبس الإنسان، بالتالي، يصبح علاجها ممكناً فقط عن طريق التعامل مع تلك القوى الخفية بحسبانها ذواتاً لا موضوعاً، ذواتاً لا بد من استرضائها شرطاً مسبقاً لعودة الملبوس الى حالته الطبيعية. من هنا نجد أنه يتوجب علينا بداية البحث عن أصول مثل هذه الذهنية التى يسيطر عليها الاعتقاد في الزار بمفهومه المبين أعلاه.
يشير راون آرون في كتابه حول الاتجاهات الأساسية في الفكر السوسيولوجي الى أن أوغست كونت كان من أوائل الباحثين في تطور التفكير الإنساني مقسماً مراحله التطورية الى مرحلة لاهوتية أعقبتها مرحلة ميتافيزيقية فثالثة وأخيرة هى المرحلة الوضعية. ويرى كونت أن المرحلة الأولى تمثل نمطاً عقلياً تفسر من خلاله الظواهر عن طريق نسبتها أو ارجاعها الى قوى أو كائنات غير منظورة تتمتع بخصائص تشبه تلك التى يتميز بها الإنسان. أما المرحلة الثانية – الميتافيزيقية – فإنها، وفق رأي كونت، فتمثل نمطاً عقلياً تفسر من خلاله الظاهرات عن طريق قوة مجردة مثل الطبيعة. والمرحلة الثالثة والأخيرة في التقسيم الكونتي فتمثل قناعة الإنسان بملاحظة الظواهر واستخلاص الروابط التى توجد بين بعضها البعض Aron 1965: 65-66. لاحقاً تقبل كل من جون ديوي وآرثر بنتلي فكرة التقسيم الثلاثي لتطور الفكر، لكنهما عدلا في المسميات. بالنسبة لهذين الكاتبين فإن المرحلة الأولى لتطور الفكر – مرحلة الحركة الذاتية – تتميز بمحاولة الإنسان تفسير الظواهر الكونية بحسبانها كل ظاهرة قائمة بمفردها بعزلة تامة عن المظاهر الأخرى وهو ما أدى الى افتراض قوى تتجسد في كل الأشياء والظواهر وتحركها وتفسر سلوكها. أما علماء الأنثروبولوجيا فقد أطلقوا على هذه المرحلة البدائية من تطور الفكر اسم المرحلة الأنيمية (الأرواحية) (2).
أما المرحلة الثانية – مرحلة التفاعل – فتتميز بتراكم المعلومات والمعارف مكنت الإنسان من رؤية العلاقات القائمة بين الأشياء والظواهر. أدت هذه النظرة بالإنسان الى اتباع المنهج التحليلي في دراسة الطبيعة وما فيها من أشياء. وقوام المنهج التحليلي هو التعرف على الجزئيات التى يتكون منها الشئ أو الظاهرة مما يمكن الإنسان من تحديد التفاعل بينها ونتائجه. وتشكل المرحلة الثالثة – مرحلة الفاعلية – مرحلة أخيرة بدأ الإنسان يرى فيها أن الكون عبارة عن وحدة متكاملة مدركاً استحالة تحديد صفات أي جزء من الكون بمعزل عن الوسط المحيط به. ومن ثم استحالت إمكانية التعامل مع شئ ما في حد ذاته إذ تتحدد صفات الأشياء أو الجزئيات بنوع التفاعل الذى تعمل فيه لا العكس هذه النظرة أصبحت تعرف بنظرية النسبية Aron 1965: 89-90. قطعاً فإن التأكيد على تقسيم تطور الفكر الى مراحل لا يعني بحال من الأحوال القطيعة الكاملة بين كل مرحلة والتى سبقتها. كل مرحلة لاحقة تُولد في أحشاء السابقة لها، وتظل تجليات المرحلة الأسبق بينة في المراحل اللاحقة. هكذا نجد أن الفكر الأنيمي لازال يجد انعكاسات له في واقعنا المعاصر. ويبدو أن الزار بمفهومه المشار إليه في المعتقد الشعبي السوداني أو غيره من الشعوب التى تُمارس فيها هذه الطقوس، يمثل ضرباً من ضروب الفكر الأنيمي القابع في أعماق الذهنية الحديثة التى تنتمي للمرحلة الثالثة في تطور الفكر، أي، الوضعية حسب كونت، ومرحلة الفاعلية وفق ديوي وبنتلي.
كان عالم الأنثروبولوجيا إدوارد برنت تايلور أول من أشار الى الأنيمية بحسبانها نمطاً من أنماط التفكير إذ رأى بأن فكرة الأرواح والجن والآلهة وأية مجموعة أخرى من الكائنات الروحية إنما هى مفاهيم من طبيعة واحدة حول مفاهيم الأرواح باعتبار أنها المقومات الأولى في السلسلة الروحية. وقد أكد تايلور أن الناس في كل مكان قد يخضعون لتأثير بعيد المدى لما يشاهدونه في أحلام فيها أقرباؤهم الموتى أو أصدقاؤهم البعيدون بأنها دليل على وجود الأرواح. وذهب تايلور بأن الاعتقاد السهل في هذه الكائنات الروحية في انفصالها عن الأجسام الطبيعية قد يتسع لكي يشمل عقائد دينية أكثر عمقاً مع ما يصاحب ذلك من طقوس تجعل من الممكن التأثير في الأرواح القوية والتحكم في الأحداث الطبيعية الهامة The New Encyclopedia Britanica 1961: 922. وترى يمنى الخولي بأن مفهوم الأنيمية يقوم على “فكرة أن الإنسان في فجر حياته سيطرت عليه ذهنية تنظر لذاته بوصفه جزءاً من مجتمع في الوقت الذى تنظر فيه تلك الذهنية للمجتمع بحسبانه شيئاً مثبتاً في الطبيعة ومعتمداً على قوى كونية وأنه طالما انعدمت المجابهة بين مفهومي الطبيعة والإنسان أحدهما للآخر تكون منعدمة بالتالي الحاجة لإدراك المفهومين بأساليب مختلفة للمعرفة” (يمنى طريف الخولي، 1989: 236). تنظر الذهنية الأنيمية للظواهر وكأنما هى تجارب إنسانية التى هى أحداث كونية في منظور تلك الذهنية. والواضح أن هذا هو ما يميز الذهنية الحديثة عن الذهنية الأنيمية. يكمن الاختلاف البادي للعيان بين الذهنيتين في أن الأولى تنظر الى عالم الظواهر بوصفه موضوعاً في حين أن الأنيمية تنظر الى ذلك العالم بحسبانه ذاتاً. ومن ثم فإن علاقة الذات/الذات (أنا/أنت) المميزة للفكر الأنيمي تعني علاقة النوع بالنوع نفسه. إن الذهنية الحديثة بنظرتها لعالم الظواهر بوصفه موضوعاً إنما تقيم ترابطاً بين الذات والموضوع وهو، بالطبع، أساس مجمل التفكير العلمي وهو الوحيد الذى “يجعل المعرفة ممكنة” (روزنتال وآخرون، 1981: 216). أما أسلوب التفكير الأنيمي الذى يرى في عالم الظواهر ذاتاً فإنه يشير الى نوع للمعرفة المباشرة. إن الظاهرة الموضوع يمكن أن تُقرن علمياً بظواهر أخرى بحيث تبدو جزءاً من منظومة وهو ما يؤهل العلم لرؤية الموضوع. فقط هذه النظرة هى التى تمكن العلم من تفهم الأشياء والحوادث إذ تتحكم بها قوانين عامة تجعل ممكناً التنبؤ بها وبسلوكها في ظروف معينة. أما الذات فهي فريدة دائماً لها شخصية الفرد التى لا يمكن التنبؤ بها حيث أن الشخصية هى وجود لا يمكن معرفته إلا بالقدرر الذى يكشف به عن نفسه. هذا الى جانب كون الذات ليست مجرد موضوع للتأمل والفهم، بل أن الإنسان يجربه ويحس بعلاقة حركية معه. إن الذهنية الأنيمية في محاولتها تفسير الظواهر الطبيعية لا تضفي على الجماد صفات إنسانية بل أنها لا تعرف عالماً جماداً. بالتالي فإن الذهنية الأنيمية لا تشخص ظواهر الجماد. إن العالم يبدو لها زاخراً بالحياة، وللحياة فردية سواء في الإنسان أو الحيوان أو النبات أو في كل ظاهرة تجابه الإنسان في الحالات غير الطبيعية التى تعتري الإنسان من أمراض وقلق واضطراب، وفي الأمطار وقصف الرعد، وفي الآفات.. الخ. في كل لحظة تواجه الذهنية الأنيمية الظاهرة الطبيعية بحسبانها ذاتاً لا بوصفها موضوعاً. وتكشف الذات في هذه المواجهة عن فرديتها وصفاتها وإرادتها ولا تتأملها الذهنية الأنيمية بانفصال ذهني، بل تجربها حياة تواجه حياةً.
إلا أن الذهنية الأنيمية التى سيطرت على الإنسان في فجر حياته لم تكن الأسلوب الأوحد. كان على الإنسان أن يتعرف على البيئة التى يعيش فيها تمكيناً له من التكيف معها. وعندما تتعطل قدراته وتعجز كان يلجأ الى الأفكار الخرافية المختلطة بالأفكار القائمة على الأنيمية، وهكذا اختلطت، على حد تعبير مالينوفسكي، بذور العلم بالتفكير الخرافي، فالإنسان المبكر إذا اشتبكت عليه آنية أحاسيسه، أدرك أن هناك مشاكل تتعدى الظواهر المجردة فتصور من الظواهر الطبيعية كائنات حية مثله وإن كانت تفوقه قوةً وتمارس تأثيراً قوياً على حياته، فكان لا بدَّ له له من استرضائها.
يبدو واضحاً أن طبيعة الزار وطقوسه كما أوضحناها تشير الى أنه مفهوماً تمتد جذوره الى خلفية أنيمية يختلط بها فكر خرافي. فالذهنية الأنيمية تعزو حالة الفرد المصاب بحالة غير طبيعية الى وقوعه تحت تأثير خفي تعجز عن إدراك نوع التأثير ومن ثم تتجه الى النظر الى الحالة في حد ذاتها، أي بحسبانها ذاتاً، وبالتالي ترجعها الى أحد السحرة أو الى الموتى المختفين، أو الى الأرواح الشريرة. ومن ثم فإن مفهوم الزار يمثل، في اعتقادنا، تجلياً لبقايا الفكر الأنيمي القابعة بصلابة في قاع الذهنية السودانية الحديثة أو غيرها من ذهنيات الشعوب الأخرى التى يحتل فيها مفهوم الزار موضعاً في معتقداتها الشعبية.
الزار مفهوماً مرتبطاً بالسحر
ينعكس التجسيد الفعلي للذهنية الأنيمية في مفهوم السحر. والسحر كما تعرفه الموسوعة الفلسفية هو “أحد أشكال الاعتقاد البدائي، إنه مجموعة من الطقوس التي ترمي الى التأثير في الناس والأرواح المتخيلة بهدف الحصول على نتائج معينة. ويقوم السحر على إيمان بعلاقة خارقة للطبيعة بين الإنسان والعالم المحيط به. وهناك سحر للعمل، وسحر لايقاع الضرر، وسحر لمعالجة الأمراض .. الخ. وقد ظل الاعتقاد في السحر قائماص في الجزء الأخير من القرون الوسطى (الكيمياء القديمة). ويعود السحر في زمننا الحاضر للظهور في نزعة العبادة السحرية” (روزنتال وآخرون، مرجع سابق: 244). في حالة اعتماد هذا التعريف فإن الزار يبدو ظاهرةً تمثل ضرباً من ضروبه موجهة لمعالجة حالات غير طبيعية تعتري الإنسان (سحر للأمراض) عن طريق طقوس ترمي الى التأثير في الأرواح “الأسياد” المتخيلة بغرض استرضائها للتعايش في حالة سلام مع الفرد الذى تلبسته.
وقد أشار مالينوفسكي في كتابه عن دينامية التغير الثقافي الى أن السحر يتسم بأشياء تقال، وأشياء تؤدى، وشخص يقوم بشعائر معينة Malinowski 1948: 95-97. بهذا المعنى يرتبط السحر بثلاثة أضلاع : الرقية، والطقس، وحالة الشخص الممارس للسحر. في حالة تطبيق هذه المؤشرات التى يقول بها مالينوفسكي على مفهوم الزار يتضح أنه يرتبط بـ “أشياء تقال” من ناحية بتحليل مقولة الأسياد والتعاويذ الخاصة بمخاطبتهم واسترضائهم. الكلمات التى تتفوه بها شيخة الزار وعباراتها تكون منغمة وموزونة وتوحي في لفظها بالغاية المطلوبة، كما تعطي مترادفات لما يُطلب. ويكثر استخدام الشيخة للتعابير المجازية مستفيدة من الخرافات مصدراً، وقد تكون بعض الكلمات غير مفهومة ولا دليل لها إلا كونها من كلمات الزار. ومن ناحية ثانية يرتبط بطقوس معينة محددة أثناء إقامة الحفل العلاجي. وأخيراً فإنه يرتبط بالممارسين له، والشيخة، والمغنيات، والمساعدات، وجمهور المشاركين، والمريض الذى تلبسه الروح – ويؤلف كل أولئك ما يعرف بـ جوقة الزار. ويذكر محمد جعفر عن شعب “الكاي” في غينيا الجديدة أنهم يعتقدون أن الشخص لا يموت موتاً طبيعياً قط حتى لو كان من الشيوخ الهرمين إذ يعتقد أفراد الكاي بأن موتهم يرجع الى السحر، وكذلك الحال بالنسبة لجميع الكوارث التى تحل بهم. فإذا سقط شخص، على سبيل المثال، فالساحر هو الذى أسقطه، وإذا اتفق أن أصيب بجرح من خنزير بري أو لدغته أفعى ففتش عن الساحر أيضاً. كذلك الساحر هو الذى يعمل من بعيد على أن تموت هذه المرأة أو تلك اثناء الوضع (محمد جعفر، 1985: 55).
هكذا نجد الأمر لا يتعدى كثيراً مثل هذا الاعتقاد بالنسبة للذهنية السودانية الحديثة التى تعتقد في الزار. فالأسياد في مفهوم هذا النوع من الذهنية دائماً متحفزون لتلبس الفرد وفرض مطالبهم اللانهائية، لأنهم في حالة إمكان دائم لتحدي الأفراد بالمطالب منتهزين كل بارقة تلوح للتلبس في الأفراد، ومن هنا يبدو وجه الشبه بين ذهنية الكاي والذهنية السودانية الحديثة التى تسيطر عليها النزعة الأنيمية والتى لا ترى سوى تفسير واحد للحالات غير الطبيعية التى تعتري الفرد، وهو أن المصاب وقع تحت تأثير قوى خفية تكون معرفتها ممكنة فقط عن طريق شيخة الزار بوصفها الوسيط الذى بمقدوره الكشف عن سر تلك الروح التى تلبس المصاب ومن ثم استدراجها لمعرفة مطالبها سعياً للاستجابة لتلك المطالب واسترضاءً للروح. هكذا تبدو شيخة الزار، من منظور السحر، بمثابة الطبيب الساحر.
فالطبيب الساحر Witch doctor، كما يعرفه لويس ميير، هو طبيب محلي يستعمل السحر في شفاء الأمراض، ويدعي القدرة على معرفة السحرة وإزالة آثار السحر عن المسحورين باستخراج المادة السحرية من أجسامهم (لويس ميير، 1983: 471- 472). أوليست الشيخة في الزار طبيب في المعتقد الشعبي يستعمل معرفته بالأسياد في شفاء الأمراض مدعية القدرة على معرفتها بهم وعلى إزالة الأرواح التى تتلبس الفرد؟
أما ابن خلدون فقد كتب في مقدمته بشأن شخصيات السحرة وصفاً له دلالته في هذا المقام.. “والنفوس الساحرة على مراتب ثلاث : يأتي شرحها فأولها المؤثرة بالهمة فقط من غير آلة ولا معين وهذا هو الذى يسميه الفلاسفة السحر، والثاني بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواص الأعداء ويسمونه الطلسمات، وهو أضعف مرتبة من الأول، والثالث تأثير في القوى المتخيلة فيتصرف فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقى أنواعاً من الخيالات والمحاكاة وصوراً مما يقصد في ذلك ثم ينزلها من الحس من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيها فينظر الراؤون كأنها من الخارج وليس هناك شئ من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة بـ الشعوذة أو الشعبذة. ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه الى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع والتذلل” (ابن خلدون، المقدمة: فصل السحر).
هكذا صنف ابن خلدون السحرة الى ثلاثة أنواع. وقد حاول يوسف ميخائيل أسعد أن يصوغ هذا التصنيف في عبارات حديثة على الوجه التالي : “ثمة أولاً النوع الأول من السحرة وهم الذين يلتمسون قوتهم في الصيغ السحرية بحسبان أن السحر في حد ذاته بمثابة إعادة تنظيم جديدة بواسطة كلمات أو صيغ أو حركات أو إجراءات يلتزم بها الساحر. فكأن هناك مصدراً خارجياً أشبه ما يكون بالمعادلات الرياضية التى إذا ما جرت فإنها تستخدم أشياء هائلة لم تكن قائمة من قبل، أو تغير طبيعة الأشياء فكما أن معادلة رياضية إذا ما طُبقت فإنها ستحدث قنبلة ذرية تدمر شكل العناصر أو تغيره. كذا فإن الصيغة السحرية بهذا المعنى يمكن أن تؤدي الى نتائج باهرة سواء بالفائدة لآخرين أو بايقاع الضرر عليهم. أما النوع الثاني من السحرة فهم أولئك الذين يستعيذون بقوى خارجية معينة لتحقيق مآربهم. ولا يكون تركيز الساحر هنا على المعلومات السحرية بل على القدرة على الاتصال بتلك القوى وتسخيرها أو ترويضها أو التماس مساعدتها لتحقيق المأرب، وطبيعي أن يكون موقف الساحر مضاداً لموقف المؤمن بالله ذلك أن المؤمن يلتمس مساعة الله وحده بينما يلتمس الساحر المعونة من قوى شريرة لا تنال الرضى الإلهي ولا تُحظى بحبه بل يقع عليها السخط الإلهي ويتوعدها بجهنم في الآخرة. والنوع الثالث من السحرة فهم أولئك الذين يتذرعون بالايحاء النفسي وإعمال قدراتهم النفسية في قلوب الأشخاص الذين يقومون بالأعمال السحرية قبالتهم. وقد يستعين الساحر هنا بالتنويم – حتى إن لم يسمه باسمه الحديث – وقد سيطر بنظراته أو ببعض الحركات أو ببعض النغمات على من يحيطون به. وقد تكون للساحر في هذا النوع قدرات نفسية خارقة مثل الشفافية أو قراءة ما مر بحياتهم من مواقف لا يعرفها سواهم الأمر الذى يلقي في نفوسهم الرعب، ويحملهم على الخضوع نفسياً لكل ما يأمر به الساحر” (يوسف ميخائيل أسعد، مرجع سابق: 110).
هذا التصنيف الخلدوني لأنواع السحرة يضع شيخة الزار في وضع يسمح بمقاربتها بتلك الفئات الثلاث استجلاءً لأوجه الشبه القائمة. فشيخة الزار تلتمس قوتها خلال احتفال الزار عن طريق صيغ محددة ترتبط بحركات وإجراءات طقوسية بعينها. كذلك فإنها تلجأ الى الأرواح (الأسياد) مدعية قدرتها على الاتصال بهم والتخاطب معهم استقصاءً للمعلومات التى تقودها الى معرفة الروح التى تلبست المريض ومن ثم استدراج الروح للبوح لها عن سر الوصفة العلاجية اللازمة. وفوق ذلك فإن الشيخة تمارس عملية الايحاء النفسي أثناء مراحل مختلفة من إجراءات الزار بدءاً من لحظة ما يعرف في لغة الزار بـ “الحلم” الذى يعقب “كشف الأثر” مروراً بعملية الذبح والإدعاء بحضور أحد الأسياد “الست الكبيرة” مراسم تقديم القربان ورضاها وتقبلها للقربان المقدم، وانتهاءً بالايحاء للمريض برضا الأسياد ما الى ذلك مما سنأتي لتناوله بتفصيل لاحقاً.
الزار ظاهرة ثقافية اجتماعية
رغم أن كرويبر وكلكهون قد أشارا الى عدم الاتفاق بين علماء الأنثروبولوجيا على تعريف لمفهوم الثقافة، فإننا سنتبنى هنا مفهوماً للثقافة طرحه كلوكهون بوصفها “جميع مخططات الحياة التى تكونت على مدى التاريخ بما في ذلك المخططات الهندسية الصريحة، العقلية وغير العقلية والتى توجد في أي وقت باعتبارها موجهات لسلوك الناس عند الحاجة”Kluckhon and Kelly 1954: 381. فالثقافة بهذا المعنى تشمل كل القيم المادية والروحية ووسائل خلقها واستخدامها ونقلها. وبما أن الثقافة هى خاصة إنسانية فإنه، على حد تعبير رالف لنتون، “لا وجود لمجتمع بدون ثقافة، كما لا وجود لأي فرد بدون ثقافة” Ralph Linton 1945: 30، فإنه لا بدَّ من دراسة الإنسان لا بحسبانه جسداً فحسب، بل بوصفه مركباً من جسد ونفس psycho-somatic، أي أنه لا بدَّ من الاقلاع عن النظر للإنسان بوصفه جسماً من المحسوسات فحسب دون اعتبار لجانبه الروحي. من ثم ننظر للزار بوصفه يشكل ظاهرة ثقافية طالما أنه سلوك إنساني موجهة لتلبية غاية وظيفية وسد حاجة بعينها. فالزار في المعتقد الشعبي في السودان يمثل نموذجاً لتفكير يرى المعتقدون به ارتباطه بأمورهم الحياتية. الذهنية السائدة في معظم أنحاء السودان هى ذهنية متدينة تؤمن بالله وبرسوله، لكنه مع ذلك يلاحظ تفاعل تلك الذهنية ثقافياً على مستويين : مستوى تأصلت القوى الدينية فيه طاغية على سواها من ي وبالصوم والابتهالات؛ ومستوى ثان رغم الاعتقاد في الله عز وجل فإنه يتطلع أيضاً الى معرفة القوى الخفية مسترضياً إياها بمختلف الطقوس والأفعال عله يجد فيها تحقيقاً لحاجاته وحلاً لمشكلاته. وقد وجد المستوى الثاني بين س من يدعي القدرة على الاتصال بهذه القوى الخفية والاستعانة بها.ولا شك أن هذا المستوى الإسلامية تقوم على أساس التسليم بوجود كائنات غيبية مثل الملائكة والشياطين والجان. وقد أشار القرآن الكريم الى الجان في مواضع كثيرة ويستفاد من هذه الآيات أن الجان كائنات تختلف عن الاناس من حيث مادة خلقها. فالجان قد خُلق من نار بينما خُلق الإنسان من صلصال ? خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان الجان من مارج من نار?. وفي الجان عصاة وأشرار يعادون الأنبياء ويعصون الرسل ? كذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس والجن? ? يامعشر الجن والانس الم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي?، ومن الناس من يعبدون الجن جاعلينهم شركاء لله تعالى ? قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانو يعبدون الجن?.
كذلك فإن الطبيعة الوراثية لوظيفة شيخة الزار قد تشير الى التشابه بين طبيعتها هذه وبين ما هو معروف عند الأزاندي في جنوب السودان حيث يسود الاعتقاد عندهم، كما يشير الى ذلك ايفانز برتشارد، بأن “القوة السحرية تنتقل من جيل الى جيل من الأسرة الواحدة عن طريق التوريث البيولوجي، فيرث الوليد هذه القوة عن أبيه أو أمه تبعاً لنوعه فالرجل يورث قوته السحرية الى أولاده من الذكور، والمرأة الى ذريتها من البنات” Op.Cit.Evans Pritchard 1937. ومن ثم فإن الزار مثله مثل أية ظاهرة ثقافية، يمثل عنصراً متغيراً وفي حالة حراك مستمر. فالظاهرة الثقافية بوصفها نمطاً تكيفياً يسعى لتحقيق أغراض بعينها لا تكون جامدة بل هى عرضة للتغير وفق الحراك الثقافي. هكذا نجد أن الزار الذى يمثل طقساً أنيمياً سحرياً خرافياً ساد في السودان قبل دخول الإسلام وارتبط بمركب ثقافي محدد يتم استيعابه في الذهنية السودانية المسلمة بعد ادخال تعديلات تجعل من ممارسته ظاهرة متناغمة مع العقيدة الإسلامية.
من جانب ثان يعرف جلن وجلن مفهوم العادة الاجتماعية أو الأسلوب الشعبي بأنه أسلوب متكرر يُكتسب، ويُتعلم، ويُمارس، ويُتوارث اجتماعياً Gillin and Gillin 1954: 53. أما سومر جراهام فإنه يسترسل في تعريف الأساليب الشعبية واصفاً إياها بأنها عادات الأفراد وعادات المجتمع التى تنبع من مجهودات الناس لاشباع حاجاتهم وتغلف الأساليب الشعبية بالاعتقاد في الجن والشياطين والأفكار البدائية، ولذلك فهي تكسب سلطة تقاليد وتصبح بعد ذلك قوة اجتماعية لا يعرف كيفية أو زمان نشوئها. وتنمو الى وقت محدد بفضل الجهود الهادفة .. وفي وقت معين تفقد قوتها فتضمحل أو تموت أو تتحول. وحينما تكون في قوتها فإنها تمارس ضبطها على الأفراد ولكنها ليست عضوية ولا مادية انها تنتسب الى نسق فوق عضوي من العلاقات والاعتقادات والترتيبات التنظيمية Sumner Graham 1946.
يتسم الزار في السودان بمحدودية أعداد الممارسين ومن ثم فهو لا يشكل الثقافة السائدة في المجتمع وإنما يعد جزءاً من الثقافة الفرعية، بالتالي ظاهرة اجتماعية. فالزار رغم كونه طقساً لمعالجة حالات فردية فإنه لا يجوز عده ظاهرة فردية طالما أنه لا يمثل نتاجاً فردياً. إنه يضرب بجذوره في أعماق الواقع الاجتماعي موروثاً ثقافياً ناتجاً عن ظروف أيديولوجية وبيئية، إنه يمثل نتاجاً للذهنية الأنيمية القابعة في بنية العقل السوداني، وللأفكار الخرافية والطقوس السحرية المرتبطة بتلك الذهنية. ولازالت هذه الذهنية المعبر عنها من خلال الزار وغيره من الممارسات السحرية ذات الطابع الخرافي/السحري تصر على اثبات وجودها رغم ظهور البديل العقلاني لها. يرجع ذلك الى عوامل مختلفة منعزلة تماماً عن تلك التى يتحكم فيها العقل والمنطق. كان فؤاد البهي قد أشار الى “أن الثقافة هى محصلة التفاعل القائم بين الفرد والمجتمع والبيئة. والبيئة هى ثمرة علاقات الفرد بالزمان والمكان والكون، والثقافة هى نتاج المجتمع وأفراده. ويؤثر الفرد على الثقافة الراهنة نتيجة لتأثره بالتراث الثقافي الذى يهبط إليه من الأجيال السالفة – فالفرد يولد داخل بيئة ثقافية تشكله وهو يشكلها بدوره” (فؤاد البهي، 1979). ويقسم أحمد عزت البيئة الى بيئة خارجية وبيئة نفسية وتمثل الخارجية، في اعتقاده، كل العوامل الخارجية التى تمارس تأثيراً مباشراً منذ اكتمال الاخصاب وتحديد العوامل الوراثية وهى بهذا المعنى تشمل العوامل المادية والاجتماعية والثقافية، وتؤلف المعايير الأخلاقية والدينية جانباً من الخصائص الخالصة للبيئة الخارجية. أما البيئة النفسية فإن أحمد عزت يشير بها الى المجال السيكولوجي حيث يرى، وفقاً لـ كيرث ليفين، أنه لا يمكن معالجة أية عملية سلوكية دون مراعاة أمرين: الخصائص المميزة لظواهر البيئة المختلفة؛ والطاقات النفسية لدى الكائن الحي إذ نجد أن الفرد تركة لدوافعه مع وجود عناصر مشتركة بينه وبين حياة الأفراد الآخرين بحكم النشأة في ثقافة واحدة. هذه العناصر المشتركة للثقافة تؤلف المنظار الثقافي الذى تحدد من خلاله الثقافة وظيفتها وتحدد خبرات الفرد السلوكية وتوجهها.
الفرد كما يراه يونج في نظريته الشخصية يختزن الخبرات الماضية المتراكمة عبر الأجيال والتى مرت بأسلافه القدامى والعنصر البشري عامة فإنه يختزن خبرات الجنس البشري في لاشعور واسع وابعد وأغور وهذا ما سماه بـ اللاشعور الجمعي.. “اللاشعور الجمعي هو الأساس العنصري والموروث للبناء الكلي للشخصية .. وهو فعل الإنسان في عالمه الحديث فإنه يشيده وفق أنماط معينة مضت واختزنت في اللاشعور الجمعي” (محمود غنيم، 1975: 528) وهذا ما يوضح لنا الأشياء المشتركة بين الإنسان البدائي القديم والحديث والشاهد على ذلك تلك الممارسة الطقوسية في ظاهرة الزار. وكما قال يونج بعد زيارة قام بها لقارتنا الأفريقية “ان ذهن الإنسان البدائي ومخاوفه لا تستقر في رأسه وإنما خارجاً عنه.. حيث تسقط هناك في الغاب.. وأنا أشك بوجود ناحية من نواحي هذا “الذهن البدائي” فينا جميعاً، فعندما نكون وحدنا في الظلام فسوف يحفز هذا الظلام خيالنا فنتخيل أخيلة مخيفة (بيتر ماكلير، 1986: 74).
هوامش
Incarnation (1) أى أن يسكن إله بصورة مؤقتة أو دائمة فى جسم إنسان أو حيوان، وينتشر الاعتقاد بالحلول فى الكثير من الديانات والمعتقدات البدائية، ويصيب الحلول الأشخاص الذين تحل فيهم الآلهة بالجنون، أو أن ذلك يكسبهم قدرة فائقة على تحقيق نجاح فى الحياة [لويس ميير1983:471]. وفى جنوب السودان يعترف الشلك بالرث “ملكاً مقدساً” الذى تحل فيه أثناء طقوس إعتلائه العرش روح مؤسس الوطن، نصف الاله ” نيكانج “. ويعتقد أن مملكته تتكون من نصفين مع حاضرة فى الوسط بينهما. ويمثل القتال الصورى بين النصفين المشهد الأكثر إثارة فى طقوس تنصيب الملك. ويجرى القتال على ساحل مجرى مائى يظن أنه يمثل نقطة وسطى فى المملكة، وينتصر فى هذه المعركة جيش الملك ولكن الذى يوقع به الهزيمة هو جيش يحمل صورة نيكانج الذى يسيطر على الملك قبل الحلول فيه [لويس ميير1983:266
(2) تعرف الموسوعة الفلسفية الأنيمية بأنها الاعتقاد بالنفس أو الأرواح التى تؤثر في حياة الناس والحيوانات، والتى تمارس تأثيراً على الأشياء والظواهر في العالم المحيط فقد كان البدائي يتصور للأشياء والنباتات أرواحاً .. وكان اضفاء الطابع الشخصي على القوى الطبيعية أحد الأشكال التى كان يراد بها السيطرة عليها (روزنتال وآخرون، 1981: 20- 21).
المراجع
محمد الجوهرى،1980، علم الفولكلور، دار المعارف، القاهرة.
عباس أحمد،1969، “الزار أو الريح الأحمر عند الشايقية”، جمعية العلوم الاجتماعية، الخرطوم، ص.16-34
روزنتال م. ويودين ب.، (اشراف) 1981، الموسوعة الفلسفية، ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت.
يوسف ميخائيل أسعد،1990، سيكولوجية الاعتقاد والفكر، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة.
لويس ميير،1983، مقدمة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية،ترجمة شاكر سليم، دار الشئون الثقافية، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد.
عبدالمجيد عابدين، (بدون تاريخ)، بين الحبشة والعرب، دار الفكر العربي، القاهرة.
يمنى طريف الخولي، 1989، فلسفة كارل بوبر منهج العلم منطق العلم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
محمد جعفر، 1958، كتاب السحر، مكتبة الأنجلومصرية، القاهرة.
ابن خلدون، عبدالرحمن، مقدمة ابن خلدون، دار الكتاب العربي، بيروت.
فؤاد البهي السيد، 1979، علم النفس الاجتماعي، دار الفكر العربي، القاهرة.
محمود غنيم، 1975، سيكولوجيةالشخصية، دار النهضة العربية، بيروت.
بيتر ماكلير،1986، الانشطار الذهني، ط 2، تعريب حلمي نجم، دار الشؤون الثقافية العامة، وزارة الثقافة والاعلام، بغداد.

.Aron Raymond 1965, Main Currents in Sociological Thought, London
Krech and Crutchield 1946, Theory and Problems of Social Psychology, New York: McGraw Hill.
Seligman C.G. 1939, Races of Africa. London.
Snouck Hurgrouge 1921, Mecca 2. London: MacMillan.
Malinowski B.1948, Magic, Science and Religion. Illionois: The Free Press.
Kluckhon and Kelly 1945, ‘The Concept of Culture’, In: R. Linton (ed.), The Science of Man in World Crisis. New York: Columbia University Press.
Ralph Linton 1945, The Cultural Bacground of Personality. New York: Appleton-Century-Crofts.
Gillin and Gillin 1954, Cultural Anthropology. New York: MacMillan.
Sumner W.G. 1940, Folkways: A Study of Sociological Importance of Usage, Manners Customs, Mores and Morales. New York.

الرجوع إلى : عن المس