السحر عالم غريب مملوء ومحفوف بالمخاطر، والساحر يتقرب إلى الشيطان بما يحب، وقد جاءت الأدلة النقلية الصريحة تبين كفر الساحر ومن يذهب إليه، من أجل ذلك كله أحببت أن أعرض ما نقله صاحب كتاب [السحر والسحرة: ص52، 56] في عرض جلسة نقاش مع أحد السحرة في إيضاح خطورة هذه الآفة وأثرها على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم حيث يقولا:
(كانت جلسة بحثنا فيها عن كل الطرق للحصول على مفاتيح هذا العالم المجهول والغريب. وكلما توغل بنا الساحر في عالمه ازدادت الأشياء ضبابية. وأتذكر للتو ما قاله لي في البداية من كون عالم السحر عالمًا غريبًا لا يعرفه إلا أهله. ومع ذلك تمسكنًا بضرورة معرفة كل ما هو مهم في جلسة بدأها بقوله:
الناس دائمًا في حالة ذعر وهلع وخوف من بعضهم البعض ومن المستقبل. والناس دائمًا يبحثون عن أقصر الطرق للفلاح والخلاص، وكل الذين استقبلهم دائموا الشكوى والخوف يريدون معرفة المستقبل، واكتشاف مكامن الخير، ومعرفة من معهم ومن ضدهم، هذا هو حال الناس. فهم في حاجة لوسيط ولسند نواجه مشاكل ولكننا نتخطاها؛ لأنه يجب من جهة أن نكون أمناء مع الجن، وفي نفس الوقت مع الزبائن، خصوصًا بعدما أصبحت هذه الحرفة ملجأ لكل عاطل.
الساحر: طبعًا، وقد ذكره الله تعالى في العديد من الآيات الكريمة.
الساحر: بصراحة ضميري يؤنبني وأعيش صراعًا مليئًا بالتناقضات والانفعالات، ولكن ربما أنني لا اختلف عن الكثيرين من الذين أتعبتهم الحياة وعذبتهم الحاجة للبحث عن لقمة العيش، وهذا نصيبي في الدنيا. فقلبي مملوء بالحب، ورغم أن هذه المهنة لا تخلو من حساسية، فإنني أحاول عدم الضرر. فوصفاتي عبارة عن تمائم وبخور، ولن أخفي عنك أنه بين الفينة والأخرى أفكر في التخلص من هذه الحرفة. ولكن أين أذهب؟ وماذا سآكل؟ وكيف أواجه تكاليف المجتمع؟.
الساحر: إنه عالم من نوع آخر لا يدركه إلا الحرفيّون، ويصعب عليك معرفة خصوصياته ورموزه. واستخدام السحر يكون عمليًا أكثر مما يكون نظريًا، عالم مليء بالرموز والجداول، وقد تكتب ما سأمليه عليك حرفًا بحرف، ولكن في النهاية تكتشف بأنك لم تفهم شيئًا.
يمرر (الساحر) يده اليمنى على جبهته ويتحدث بتلقائية:
هناك ثلاثة أنواع من السحر: الأبيض والأسود والأحمر.
فالسحر الأبيض: يستخدمه الساحر في مجال المحبة والربط بين قلبين كترسيخ الحب بين زوجين أو الجمع بينهما، أما السحر الأحمر: فهو يستخدم في مجال الشر عمومًا كالهلاك والدمار وتخريب البيوت وتشتيت الأسر، وهذا النوع الأخير لا أستخدمه لما فيه من ضرر للإنسان.
الساحر: على الدم.
الساحر: دم الحيوانات والحشرات، ومن هنا جاءت تسمية هذا النوع بالأحمر؟
الساحر: تتعدد مواده الخبيثة والكريهة من (قطران) وإسفلت وعقاقير وشعر الماعز الأسود وشعر القرود ، ويستخدم هذا النوع يوم السبت. وللأسف فإن السحر الأسود يستخدم في التفريق بين زوج وزوجته، وفي هلاك الإنسان في روحه وماله وحاله وعمله.
فالنوعان الأحمر والأسود عنيفان!
الساحر: هو الذي يعتبر (مخ الضبع) مادته الأساسية، فهناك أناس يكتبون بهذا المخ بعدما يجف، وكذا برأس طائر الهدهد بالإضافة إلى البخور. ويتميّز السحر الأبيض بكونه مجال اللقاء بين الرجل والمرأة. ولكن بعد فترة أقل من عام تبدو مظاهر التأثير على أحد الطرفين.
الساحر: الأكثر عرضة للسحر هم الصبيان والنساء والجهلة من الناس.
الساحر: آيات معينة وأحرف بالدم ورموز موجودة في الكتب التي تهتم بالسحر.
الساحر: الملابس الداخلية والصور الفوتوغرافية وتراب خطوات الرجل.
الساحر: على استغلال نفسية الزبون المنفعلة وظروفه.
الساحر: هناك من السحرة من يوصي زبونه بدفن شيء ما في المقبرة، وخصوصًا الذين يستخدمون السحر الأحمر والأسود، حيث يؤكدون على ضرورة إقبار شيء ما بين القبور ومجاري المياه الجافة، وعمومًا في الأماكن المهجورة؛ لأن هذه الأماكن جزء لا يتجزأ من عناصر الوصفات التي يقدمونها لزبائنهم، فسواء المقابر أو السواقي أو الأماكن المهجورة تشكل عنصرًا من العناصر التي يصفها شياطين الجن أنفسهم لهذا الساحر.
(قلت (صاحب المقالة): وقد يكون السبب الرئيس في استخدام هذا الأسلوب هو بعد هذه الأماكن عن الناس وبالتالي يصعب العثور على السحر وإتلافه، والله تعالى أعلم).
الساحر: لعل أخطر نوع هو الذي يقدم على شكل وصفة للشرب.
الساحر: هناك من السحرة من يكتب جداول ورموز وتمائم بدم الضبع أو الضفدع أو الثعبان أو أي حشرة، يكتبون رموزًا في الورق الذي يمحى بعد ذلك في مشروب معين، وهكذا نجد أن الشخص الذي يتناوله يتأثر به، فهو إما يصاب في الجهاز العصبي أو يصاب بالشلل أو يفقد الوعي.
الساحر: مختلفون ومتعددون، رجال ونساء.
الساحر: قديمًا كانت نسبة النساء أكثر من الرجال، وأعتقد أنه منذ أوسط الثمانينات وأصبحت نسبة الرجال الذين يتعاطون السحر تتراوح ما بين 60 و 70 في المائة.
الساحر: لاحظت أن المرأة هي المتهمة بالدرجة الأولى بالسحر، في حين أننا نجد من الزبائن تجارًا وأرباب أعمال، بل ومنهم من تجده ينكر السحر علانية، ولكنه يمارسه في الخفاء.
الساحر: المسألة بسيطة في حد ذاتها، فهؤلاء الناس (رجال ونساء) شخصيتهم ضعيفة وفاشلون في حياتهم وفي المجتمع، ولا قدرة لهم لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم بالعمل والمثابرة والصبر، فيلجأون للطرق السهلة والقصيرة التي تؤدي في النهاية لتحقيق طموحاتهم.
الساحر: ليس كلها.
الساحر: لأن هناك مضادات للسحر، فقهاء يفسخون الوصفات التي نقدمها.
(قلت (صاحب المقالة): لابد من فهم وإدراك هذه المسألة المهمة، حيث أن الله سبحانه وتعالى هو القادر وحده على إبطال السحر، وفقهاء الأمة لا يملكون في محاربة السحر ومقارعته إلا اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ثم الرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة، وكذلك اتخاذ الأسباب الحسية المباحة في العلاج والاستشفاء وفي ذلك يقول الحق جل وعلا في محكم كتابه: “فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ” [سورة يونس: 81]، (قلت (صاحب المقالة): وهذا اعتراف ضمني من قبل السحرة أنفسهم بهذه الحقيقة المطلقة، فيا حبذا لو اعتقد المسلمون بذلك، وتوجهوا في حل مشكلاتهم المتنوعة إلى الأسباب الشرعية والأسباب الحسية المباحة، وبذلك ينالوا رضا الله والسعادة في الدارين).
الساحر: طبعًا الملابس الداخلية تعتبر من أهم العناصر الأساسية في جميع العمليات تقريبًا؛ لأن مفعولها قوي، ففيها يوجد الشيطان.
الساحر: الواقع شياطين الجن هم الذين يقومون بعملية السحر، ولكل ساحر عقدة مع إبليس، كما أن ملوك وملكات الجن يعترفون لأوليائهم من السحرة بهذه العقدة التي تربطهم).
قلت: وقد تقصَّدت أن أعرض هذا اللقاء، لتحقيق غايات وأهداف أهمها أن يعلم الناس حقيقة السحر وما يكتنفه من أعمال وممارسات وطقوس، خاصة بعض التفصيلات التي تؤكد خطورة هذه الآفة العظيمة وأثرها المدمر في المجتمع، والله تعالى أعلم، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.