الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ الَّذي بنعمتهِ تتمُّ الصَّالحات … وأمرَنا بالتسابُقِ إلى الخيرات … رِفعةً في الدرجات .. ومُضاعفةً في الحسنات… ومغفرةً للسيئات .. وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ … خلقَ جميعَ المخلوقات… واختارَ منهُم أهلُ الطَّاعات.. وأصلَحَهُم بالصالحات… وحفِظهُم من المُهلكات… وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمَّداً عبدهُ ورسولَهُ رفيعُ الدرجات … والسَّابِقُ إلى الخيرات .. صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ كُلَّمَا سبح المسبحون وذكر الذاكرون …. أما بعدُ أيُّها المُسلمون …اتَّقوا اللهَ حقَّ تقاته ولا تمُوتُنَّ إلاَّ وأنتُم مُسلِّمون ) إتقوا الله وبادروا إلى كنوز أنتم عنها غافلون أحبتي في الله إن حديثنا اليوم محاسبة فيما قد جمعناه من هذه الدنيا عبر هذه السنين التي مضت واخص من ذلك الجمع المال الذي به قوام وإصلاح كثير من الأمور فمن الناس من لم يجمع شيئاً ولم يجمع إلا النصب والتعب ومنهم من جمع وادخر مايكفيه ومنهم من استكثر من المال مالا حد له ولا حصر وجمع الملايين وأكثرهم مقصر في حق ربه وأكثرهم قد فرط في عمره ووقته وأكثرهم غفل عما هو أعظم من ذلك ألا وإن المُوفَّقُ مِنَّا مَنْ ألهمَهُ مولاهُ أن يستغِلَّ عُمرَهُ في طاعته. ويغتنم لحظات الحياة في الباقيات الصالحات والاستكثار من الحسنات الطيبات…
وما هذه الأيامُ إلاَّ معارةٌ فما استطعتَ من معروفِها فتزودِ
فإنَّكَ لا تدري بأيةِ بلدةٍ تموتُ ولا ما يُحدِثُ اللهَ في غدٍ
عباد الله أرأيتم إلى ماقد جمعتم أنه يساوي عند الله عزوجل حسنة من الحسنات أرأيتم إلى التعب الذي تعبتم والجهد الذي اجتهدتم والنصب الذي أصابكم سنيناً طويلة من أجل الدنيا يساوي ركعة من الركعات أو آية من الآيات او تسبيحة من التسبيحات عباد الله إن العمر يمضي ونحن لم نجمع من الحسنات إلا شيئاً قليلاً بالنسبة إلى أعمارنا وأوقاتنا فهيا بنا نسترشد ونتعلم شيئاً من الأعمال التي تعود علينا بحسنات كثيرة وأجور عظيمة فإذا أردت ياعبد الله .. أن يُصلَّي عليكَ سبعُونَ ألفَ مَلَكٍ من الملائِكة في الصباحِ والمساء ..نعم والله ليس هذا كذباً وليس مزاحاً فقد قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام (( ما مِنْ مُسلمٍ يعودُ مُسلِماً أي يزورُ مريضاً أو أخاً لهُ في الله ؟.. ما مِنْ مُسلمٍ يعودُ مُسلِماً غُدوةً في أوَّلِ النَّهار إلاَّ صلَّى عليهِ سبعُونَ ألفَ ملَكٍ حتَّى يُمسي… وإن عادَهُ عَشيِّةً أي في المساء إلاَّ صلَّى عليهِ ألفَ مَلَكٍ حتَّى يُصبِح وكانَ لهُ خريفٌ في الجنَّة ))… فاللهُ أكبر وهنيئاً والله لِمن حملَ نفسَهُ في زيارةٍ أخٍ لهُ في الله يزوره للاطمئنانِ عليه في مرضهِ أو في صحتهِ .. هنيئاً لهُ بالجائزةِ الُكُبرى ,, يُصلَّي عليهِ سبعون ألفَ ملكٍ من ملائكةِ الله فبالله كم خسرنا من أجور بترك زيارة المرضى ثم أرشدك أخي الحبيب إلى عمل يسير يكتُبَ اللهُ لكَ به ألفَ ألفَ حسنة ويمحُو عنكَ ألفَ ألفَ سيئة ويرفعُ لكَ ألفَ ألفَ درجة .. لا إلهَ إلاَّ الله ..حسنات تلو حسنات ودرجات تلوَ درجات إذا أردت أن تكسب هذه الملايين من الحسنات والدرجات …فاستمع وأعمل بقول المصطفى عليهِ الصلاة والسلام حيث قال (( من دخلَ السُّوق فقال (( لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ لهُ المُلك ولهُ الحمدُ يحيي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير وهو على كُلِّ شيءٍ قدير .. كتبَ اللهُ لهُ ألفَ ألفَ حسنة ومحا عنهُ ألفَ ألفَ سيئة ورفعَ لهُ ألفَ ألفَ درجة ))… اللهُ أكبر من غفلتنا وتفريطنا في مثل هذه الأجور .. أينَ أنتُم يا منْ تذهبونَ إلى الأسواق بالليلِ والنَّهار مرات ومرات أيعجز أحدكم أن يدعو بهذا الدعاء في أقل من دقيقة تعلموا هذا الدعاء.. وعلموهُ أزواجكم وأبنائكم وجيرانكم ….واستمع عبد الله إلى الأجور والحسنات السهلة المنال : فهلْ تُريد أن يغفِرَ اللهُ لكَ ذنبكَ ما تقدَّمَ مِنهُ وما تأخَّر …ماأسهل ذلك عليك فعن سهل بن معاذ بنُ أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ (( من أكلَ طعاماً ثُمَّ قال (( الحمدُ للهِ الَّذي أطعمني هذا الطَّعام ورزقنيهِ .. مِنْ غيرِ حولٍ مني ولا قوَّة .. غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنبهِ وما تأخَّر … ومن لَبِسَ ثُوباً فقال : الحمدُ للهِ الَّذي كساني هذا ورزقنيهِ من غيرِ حولِ مني ولا قُوَّةٍ غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنبهِ وما تأخَّر )).. (د) حديثٌ حسن .. ما أكرمك سيدي وإلهي .. تُطعمهُم وتُلبسهُم .. وبكلمةٍ واحدةٍ تغفِّرْ لَهُم .. لكَ الحمدُ :
لكَ الحمدُ حمداً نَستَلِّذُّ بهِ ذِكراً وإن كُنتُ لا أُحصي ثناءً ولا شُكرا
لكَ الحمدُ حمداً طيباً يملأُ السَّما وأقطارَهَا والأرضُ والبرَّ والبحرا
لكَ الحمدُ حمداً سرمديَّاً مُباركاً يقلُّ مِدادُ البحرِ عن كُنهِهِ حصرا
لكَ الحمدُ تعظيماً لوجهِكَ قائِماً بِحقِّكَ في السَّراءِ وفي الضَّرَّا
لكَ الحمدُ مقروناً بِشُكرِكَ دائِماً لكَ الحمدُ في الأولى لكَ الحمدُ في الأُخرى
عبد الله إذا أردت الجنَّة وتُريد دخولها …فاصنع المعروف قال عليه الصلاة والسلام (( مرَّ رجُلٍ بِغُصنِ شجرةٍ على ظهرِ الطريق فقال (( واللهِ لأُنحيِّنَّ هذا عنِ المُسلمين لا يؤذيهم فإُدخِل الجنَّة )).. رواه مسلم…. وهلْ تُريد أن تستظِّلَّ تحتَ ظِلِّ عرشِ الله .. قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم (( من أنظرَ مُعسِراً أو وضع لهُ .. أظلَّهُ اللهُ يومَ القيامةِ تحت ظِلِّ عرشهِ يوم لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ )) رواهُ البُخاري..
اللهم أظلنا بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ولا باقي إلا وجهك اللهم وفقنا لخير الأعمال وأزكاها أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الأجور والحسنات : الخطبة الثانية
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات الهادي إلى سواء الصراط المتفضل على عباده الكريم بجزيل الأجور والحسنات أحمده ولا أحصي له حمد وأشكره فوق الوصف والحد واشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خير داع وخير بشير ونذير صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد عباد اتقوا الله وتزودا فإن خير الزاد التقوى واعلموا أن في الدنيا سوق عظيمة للحسنات لاتنتهي بضائعها ونفائسها لمن أراد التزود من خيراتها فكل إنسان لابد وأن يجد مايناسبه مما يعود عليه بالأجور والحسنات في كل الأماكن والأوقات فهنيئاً واللهِ لِمن لهُ بناتٍ فأحسنَ تربيتهُنَّ وكساهُنَّ وأطعمهُن فإنهن يكُنَّ لهُ سِتراً وحجاباً من النار …قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام (( من كانَ لهُ ثلاثُ بناتٍ فصبرَ عليهنَّ وأطعمهُنَّ وسقاهُنَّ وكساهُنَّ من جِدَتِهِ .. كُنَّ لهُ حِجاباً من النارِ يومَ القيامة ))… وهلْ تُريد أن يعتقكَ الله من النار بأمر يسير … قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام ( من ذبَّ عن عِرضِ أخيهِ بالغيبة .. كانَ حقَّاً على اللهِ أن يُعتقهُ من النَّار )) حديثٌ صحيح … صحيح الألباني رقم ( 6240 )..من ذبَّ عن عِرِضِ أخيه بالغيبة .. من دافعَ عن أخيه حينما ينهشه الناس ويغتابونه في المجلس .. فبشارةٌ لهُ العتقِ من النار ….ًهلْ تُريد أن يكتُبَ اللهُ لكَ صالح عملكَ وأن يغفِّر لكَ ويرحمك .. قال عليهِ الصلاةُ والسَّلام (( إذا ابتلَى اللهُ العبدَ المُسلِم ببلاءٍ في جسدهِ .. قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ : اكُتبْ لَهُ صالحَ عملهِ .. فإن شفاهُ غسَّلهُ وطهَّرَهُ وإن قبضَهُ غفرَ لهُ ورَحمهُ )).. حديثٌ حسن … هلْ تُريد أن تقوم من مرضِكَ كيوم ولدتكَ أمُّكَ خالياً من الخطايا والذنوب … قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام (( قال تعالى (( إذا ابتليتُ عبداً من عِبادي مؤمِناً .. فَحمدِني وصبرَ على ما بليتَهُ .. فإنَّهُ يقومُ من مضجعهِ كيومِ ولدتْهُ أُمُّهُ من الخطايا .. ويقولُ الربُّ عزَّ وجلَّ للحفظة : إنِّي قيَّدتُّ عبدي هذا وابتليتُهُ .. فأجْروا لهُ كما تُجْرُونَ لهُ قبلَ ذلكَ من الأجرِ وهُوَ صحيح )). هلْ تُريد يا حبيبي في الله أن يُزحزِحكَ الله عن النَّار .. قال عليهِ الصلاة والسَّلام (( إنَّهُ خُلِقَ كُلَّ إنسانٍ من بني آدم على ستينٍ وثُلثمائةِ مفصلٍ .. فمن كبَّر الله … وحَمِدَ الله .. وهللَّ الله .. وسبَّحَ الله.. أو استغفرَ الله .. وعزلَ حجراً عن طريقِ النَّاس أو شوكةٍ أو عظماً عن طريقِ النَّاس أو أمرَ بمعروفٍ أو نهى عن مُنكرٍ .. عددَ الستين والثُلثمائةِ … فإنَّهُ يُمسي أو يمشي يومئذٍ وقد زحزحَ نفسَهُ عنِ النار ))… رواهُ مسلم. هل تريد يا أخي الحبيب أن تبني لكَ الملائكة بيتاً في الجنة (( قال صلى الله عليه وسلَّم (( إذا ماتَ ولدُ العبد .. قالَ اللهُ تعالى لملائكته : قبضتُّم ولدَ عبدي ؟.. فيقولونَ : نعم .. فيقولُ :قبضتُّم ثمرةَ فؤاده؟…فيقولون : نعم…… : فيقول :. فماذا قالَ عبدي ؟..فيقولون : حمدَكَ واسترجع .. أي قال : الحمدُ لله وإنا للهِ وإنا إليهِ راجعون …فيقولُ اللهِ تعالى : ابنُوا لعبدي بيتاً في الجنَّة … وسمُّوهُ بيت الحمد )) حديثٌ حسن ….أخي الحبيب .. هل تُريد أن يبيت معك ملكٌ من ملائكةِ السَّماء وأن يدعُ لك هذا المَلَك… قال عليهِ الصلاة والسَّلام (( طهِّروا هذهِ الأجساد طهَّرَكُمُ الله .. فإنَّهُ ليسَ عبدٌ يبيتُ طاهِراً إلاَّ باتَ معهُ ملكٌ في شِعارهِ .. لا ينقلِبُ ساعةً من الليلِ إلاَّ قال أي المَلك : اللهُمَّ اغفِّر لعبدِكَ فإنَّهُ باتَ طاهِراً ))… حديثٌ حسن ….هل تريدون يا عبادَ الله أن يغبطكمُ النبيُّونَ والشُّهداء وأن تكونوا على منابرٍ من نورِ اللهِ تعالى … قال عليهِ الصلاة والسلام (( قال اللهُ تعالى (( حُقَّت أو وجبت محبتي للمُتحابيَّنَ فيَّ .. وحُقت محبتي للمُتواصلينَ فيَّ وحُقت محبتي للمُتناصحينَ فيَّ وحُقَّت محبتي للمتزاورينَ فيّ.. المُتحابُّونَ فيَّ على منابرٍ من نورٍ يغبطُهُم بمكانهِمُ النَّبيُّونَ والصّديقون والشُّهداء )).. حديثٌ صحيح ..عباد الله لاتنتهي أعمال الخير والبر فاعملوا ودلوا إخوانكم وأرشدوهم فالدال على الخير كفاعله لاينقص من أجره شيئاً. اللهُمَّ احُطط عنَّا ثُقلَ الأوزار .. وارزُقنا شمائِلَ الأبرار .. واقْفُ بِنا آثارَ المُشتاقينَ لكَ أناءَ الليلِ وأطرافَ النهار …اللهُمَّ لا تفضحنا يوم القيامة بموبقاتِ آثامِنا وارحم في موقفِ العرضِ عليكَ ذُلَّ مقامِنا .. وثبِّتْ على الصِّرَاطِ زُللِ أقدامِنَا .. وامحُ عنَّا درونَ قلوبِنا وعلائقَ أوزارِنا ..ألا وصلوا عباد الله على نبيكم الكريم فمن صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وخلفائه الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين وعنا معهم برحمتك ياأرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الكفر والكافرين وانصر عبادك الموحدين اللهم ارحم ضعفنا واغفر ذنبنا وأصلح لنا ديننا وآخرتنا اللهم استر عيوبنا واكشف كروبنا اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.